بريدة بن الحصيب
مقدمة
هو بُرَيْدَةُ بنُ الحُصَيْبِ بن عبد الله بن الحارث أبو عبد الله الأسلمي.(1)
وكان إسلامه حين اجتاز به رسول الله [صلي الله عليه وسلم ] وهو مهاجر إلى المدينة عند كراع الغميم فلما كان هناك تلقاه بريدة في ثمانين نفسا من أهله فأسلموا وصلى بهم صلاة العشاء وعلمه ليلتئذ صدرًا من سورة مريم.(2)
أهم ملامح شخصيته:
1- الشجاعة والإقدام:
عن ابن بريدة عن أبيه أنه قال: غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة.(3)
2- حب النبي [صلى الله عليه وسلم]، فكان يحبه أكثر من نفسه.
من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن بريدة بن الحصيب قال: مررت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذكرت عليا فتنقصته فجعل وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتغير فقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.(4)
وقال له نبي الله (صلى الله عليه وسلم): "من أنت". قال أنا بريدة فالتفت إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: "يا أبا بكر برد أمرنا وصلح". ثم قال لي: "ممن أنت": فقلت من أسلم، قال لأبي بكر: "سلمنا". قال: ثم قال: من بني من؟ قلت: من بني سهم قال: " خرج سهمك".(5)
من مواقفه مع الصحابة
قال عبد الله بن بريدة حدثني أبي بريدة قال أبغضت عليا لم أبغضه أحدا قال خيل قال فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا فأصبنا سبيا فكتبنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن ابعث إلينا من يخمسه فبعث إلينا عليا قال وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر فقلنا يا أبا الحسن ما هذا قال الم ترو إلى الوصيفة التي كانت في السبي فاني قسمت وخمست فصارت في الخمس ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم صارت في آل علي فوقعت بها قال وكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت ابعثني فبعثني مصدقا قال فجعلت اقرأ الكتاب وأقول صدق قال فامسك النبي صلى الله عليه وسلم بيدي والكتاب قال أتبغض عليًّا قال قلت نعم قال فلا تبغضه وان كنت تحبه فازدد له حبا فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة قال فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أحب إلى من علي قال عبد الله فوالذي لا اله غيره ما بيني وبين النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذا الحديث غير أبي بريدة.(6)
وله موقف مع سلمة بن الأكوع فعندما قدم سلمة المدينة فلقيه بريدة بن الحصيب فقال ارتددت عن هجرتك يا سلمة فقال معاذ الله إني في إذن من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ابدوا يا أسلم فتنسموا الرياح واسكنوا الشعاب فقالوا إنا نخاف يا رسول الله أن يضرنا ذلك في هجرتنا قال أنتم مهاجرون حيث كنتم.
من مواقفه مع التابعين:
قال عبد الملك كنت أجالس بريدة بن الحصيب فقال لي يوما يا عبد الملك إن فيك خصالا وإنك لجدير أن تلي أمر هذه الأمة فاحذر الدماء فإني سمعت رسول الله ( ص ) يقول إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليها على محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق.(7)
بعض ما روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم
عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا نشد في المسجد فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له.(
وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله طهرني فقال: (ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه) قال فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه) قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيم أطهرك؟) فقال من الزنا، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبه جنون؟) فأخبر أنه ليس بمجنون فقال: (أشرب خمرًا؟) فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أزنيت؟) فقال: نعم، فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده ثم قال اقتلني بالحجارة، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال: (استغفروا لماعز بن مالك) قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم).
قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني فقال ( ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه ) فقالت أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك قال ( وما ذاك؟ ) قالت إنها حبلى من الزنا فقال (آنت؟) قالت نعم فقال لها (حتى تضعي ما في بطنك) قال فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية فقال: (إذا لا نرجمها وندع لها ولدها صغيرا ليس له من يرضعه) فقام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعه يا نبي الله، قال: فرجمها.(9)
وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء فما ظنكم؟(10)
وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه " يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنك لك الأولى وليست لك الآخرة.(11)
وجاء في سنن أبي داود عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا وقال " إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال فأيتها [ ما ] أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله تعالى وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله تعالى فلا تنزلهم، فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم، ولكن أنزلوهم على حكمكم، ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم.
وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بالأمانة فليس منا".
وجاء في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر لا يخرج حتى يطعم ويوم النحر لا يطعم حتى يرجع.
وعن بريدة بن الحصيب قال حاصرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ثم أخذه من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح له وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إني دافع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا قال فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلى الغداة ثم قام قائما فدعا باللواء والناس على مصافهم فدعا عليا وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللواء ففتح له قال بريدة وأنا فيمن تطاول لها.
من كلماته:
لا عيش إلا طراد الخيل بالخيل.(12)
الوفاة:
قال ابن سعد في الطبقات الكبرى: توفي بريدة بن الحصين بخراسان سنة ثلاث وستين في خلافة يزيد بن معاوية.
وجاء في مجمع الزوائد "مات بريدة بن الحصيب الأسلمي بخراسان في خلافة يزيد بن معاوية سنة اثنتين وستين وبريدة يكنى أبا عبد الله.