أزواج النبي أمهات المؤمنين رضيَ الله عنهن .
صلى الله عليه و سلم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة امرأة ، دخل بثلاث عشرة منهن ، واجتمع عنده منهن إحدى عشرة ، وقبض عن تسع ) . [1]
وهذه تراجم مختصرة لمن اجتمع عنده من نسائه صلى الله عليه وسلم :
الأولى : السيدة خديجة بنت خويلد رضيَ الله عنها .
قال عنها الذهبي رحمه الله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم سيدة نساء العالمين في زمانها ، أم القاسم ، ابنة خويلد ، بن أسد ، بن عبد العزى ، بن قصي ، بن كلاب ، القرشية ، الأسدية ، أم أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد ، وثبتت جأشه ، مضت به إلى ابن عمها ورقة ...)) [2] .
كانت هي مسكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها ، واسته بمالها ونفسها ، وأحبته من كل قلبها ، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وكلف بتبليغ رسالة ربه إلى الناس أجمعين ودعوتهم إلى عبادة الله تعالى ، كانت معه صلى الله عليه و سلم بكل إحساسها ونبلها وحبها وعطفها ، كانت حزينة معه يوم فتر الوحي ... ، وينشرح فؤادها وهي ترى زوجها مستبشرة بعودته ، علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تتوضأ وتصلي ... ، ولقد شهدتهما أيام مكة و لياليهما وهما يصليان لله ويحمدانه ويشكرانه على ما أولاهما من نعم )) [3] .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : وهي التي آزرته صلى الله عليه و سلم على النبوة ، وجاهدت معه ، وواسته بنفسها ومالها ، وأرسل الله إليها السلام مع جبريل ، وهذه خاصية لا تعرف لامرأة سواها ...)) [4] .
وسارت السيدة خديجة مع زوجها العظيم في طريق الدعوة والآلام صابرة محتسبة ، ردوا عليها بناتها رقية وأم كلثوم ، وكانتا عقد عليهما لعتبة وعتيبة ابني أبي لهب )) [5] .
كانت خديجة أولا تحت أبي هالة بن زرارة التميمي ، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، ثم بعده النبي صلى الله عليه وسلم ، فبنى بها وله خمس وعشرون ...)) [6] .
وخلاصة قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة خديجة هي :
ما سمعته وشاهدته السيدة خديجة من بركة النبي صلى الله عليه وسلم التي حلت في تجارتها ، وأخلاقه الحسنة التي أخذت بمجامع قلبها ، حتى أرسلت صديقته نفيسة بنت منبه لتفاتح رسول الله صلى الله عليه وسلم في رغبتها فيه ، فرضي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وعرض ذلك على أعمامه فوافقوا كذلك ، وخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب ، فخطبها إليه ، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصدقها عشرين بكرة ، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم [7] .
مناقبها جمة ، وهي ممن كمل من النساء ، كانت عاقلة ، جليلة ، دينة ، مصونة ، كريمة من أهل الجنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ، ويبالغ في تعظيمها ، بحيث أن عائشة تقول : ما غرت من امرأة ما غرت على خديجة ، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها .
ومن كرامتها عليه أنه لم يتزوج امرأة قبلها ، ورزقه الله منها عدة أولاد ، ولم يتزوج عليها قط ، ولا تسرى إلى أن قضت نحبها ، فوجد لفقدها )) [8] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها ماء إدام أو طعام ، فإذا هي أتت فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيها ولا نصب )) [9] ، وفي الحديث مناسبة بين حالها وجزائها وبين عملها وثوابها ، قال ابن حجر رحمه الله تعالى : قال السهيلي : النكتة في قوله صلى الله عليه و سلم من قصب ) ، ولم يقل من لؤلؤ ، أن في لفظ القصب مناسبة ، لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها ، ولذا وقعت هذه المناسبة في جميع ألفاظ هذا الحديث ... )) [10] ، ثم قال رحمه الله : وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه ، وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها ، إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن ، ولم يصدر منها ما يغضبه قط ، كما وقع لغيرها )) [11] .
وعن عروة عن أبيه عن عائشة رضيَ الله عنها قالت : ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة ، وإني لم أدركها ، قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول : صلى الله عليه و سلم أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة ) ، قالت : فأغضبته يوما فقلت : خديجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني قد رزقت حبها )) [12] .
وفي أحلك فترات الدعوة وأشد مراحل الاضطهاد للنبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه من المؤمنين توفيت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضيَ الله عنها .
قال الواقدي : خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين ، فتوفي أبو طالب ، وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام )) [13] .
وحزن النبي صلى الله عليه وسلم بموت السيدة خديجة حزنا شديدا لشدة حبه لها ، ولما كانت تواسيه بمالها وجاهها ، وسمي هذا العام بعام الحزن .