أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضيَ الله عنها .
هي سودة بنت زمعة ، بن قيس ، بن عبد شمس ، بن عبد ود ، بن نضر ، بن مالك ، بن حسل ، بن عامر ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر )) ، القرشية ، العامرية ... ، وكانت سيدة جليلة نبيلة ضخمة ، وهي من السابقات إلى الإسلام ، ومن المهاجرات الأول إلى الحبشة ، أسلمت وزوجها ، فهاجرا إلى الحبشة )) ، وكانت تكنى بأم الأسود .
كانت سودة بن زمعة تحت السكران فمات عنها ، وخلفه عليها النبي صلى الله عليه وسلم، عن عائشة رضيَ الله عنها قالت : لما توفيت خديجة رضيَ الله عنها قالت خولة بنت حكيم بن الأوقص امرأة عثمان بن مظعون وذلك بمكة : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تزوج ؟ قال : ومن ؟ قالت : إن شئت بكرا ، وإن شئت ثيبا ، قال : ومن الثيب ؟ قالت : سودة بنت زمعة ، آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه ، قال فاذهبي فاذكروها علي ، فخرجت فدخلت على سودة ، فقالت : يا سودة ما أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟ قالت : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك عليه ، فقالت : وددت أني أدخل على أبي فأذكر ذلك له ، قالت : وهو شيخ كبير قد تخلف عن الحج ، فدخلت عليه ، فحييته بتحية الجاهلية ، ثم قلت : إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه السلام أرسلني أن أخطب عليه سودة ، قال : كفؤ كريم ، فماذا تقول صاحبتك ؟ قالت : تحب ذاك ، قال : فادعها إلي فدعتها ، فقال : أي سودة زعمت هذه أن محمد بن عبد المطلب عليه السلام أرسل يخطبك وهو كفؤ كريم ، أيحسن أن أزوجكه ؟ قالت : نعم ، قال : فادعيه إلي ، فجاء فزوجها ...)) .
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضيَ الله عنها قالت : ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة ، من امرأة فيها حدة ، قالت : فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة ، قالت : يا رسول الله قد جعلت يومي منك لعائشة ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة )) .
وفي الحديث فضيلتان لأم المؤمنين سودة رضيَ الله عنها ، الأولى : ثناء ضرتها ومنافستها في بيت الزوجية عائشة رضيَ الله عنها ، حيث قالت عنها ، أنها لم تحب أن تكون في مسلاخ امرأة وفي منزلتها غير سودة ، وهذا تزكية ضمنية لدينها وأخلاقها رضيَ الله عنهما ، الثانية : جودها بما لا تجود بها النساء غالبا ، وهو يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث تنازلت عن حقها في ذلك اليوم لصالح عائشة ، فأصابت بفعلتها هذه فائدتين ، رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمتعته بيوم ثان يقضيه عند حبيبته عائشة ، ثم الاستراحة من شراسة المنافسة بينها وبين من هي دونها سنا وفوقها منزلة ، فقد كانت امرأة مسنة في نحو ست وستين سنة ، وكانت تدرك تماما أن حظها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بر ورحمة وإكرام ... ، لا حب وتآلف وامتزاج ... ، وقبلت الدور ، فحسبها أن رفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلك المكانة ، وأن جعل منها أما للمؤمنين )) .
توفيت أم المؤمنين سودة رضيَ الله عنها في شوال سنة أربع وخمسين للهجرة .