مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه هموم الحياة ومشكلاتها .
جعل الله النساء سكنا لأزواجهن مما يلقونه من هموم الحياة اليومية ومشاكلها ، يأوون إلى كنفهن بعد طول كدح في النهار وكثير تعب وعناء ، قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [1].
ولما فوجئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي وفزع من هول ما يرى ويسمع ، هرع إلى منزله حيث يجد زوجه وحبيبته خديجة ، ليخبره بما حصل له ، ويبث إليها من همومه ، صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم ولما أتاها قال صلى الله عليه وسلم : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم لقد خشيت على نفسي ! )) فقالت خديجة : كلا ، والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فانطلقت به خديجة ، حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن عم خديجة ، وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا بن عم اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى ، يا ليتني فيها جزع ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم أو مخرجي هم ؟ )) قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي )) [2].
وفي الحديث دليل على أهمية حديث الرجل مع أهله فيما يهمه ويقلقه ، ولا يقول هذا أعظم من أفاتح فيه امرأة لا تتجاوز عنايتها حدود منزلها ، فقد يكون للمرأة الصالحة دور كبير في حل مشكلات زوجها مهما عظمت وتعقدت ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يواجه في حياته مشكلة غريبة عليه وعلى قومه ، فأخبر بها شريكة حياته خديجة فلقنته درسا عظيما في السنن الربانية والنواميس الكونية ، وهو حماية الله تعالى للمحسنين وعدم خذلانهم ، ولم تكتف بذلك بل ذهبت معه إلى رجل له ثقافة دينية لتسمعه الخبر ، وتسمع منه ما ذا يقول ، فوجدا عنده التفسير الصحيح والتحليل الدقيق لهذا الحدث الجلل .